2 ../index

النُورُ الزَّاهِرُ

كأنَّها كانَتْ تَشْعُرُ بما حَصَلَ لاَُمِّها من مقاطعةِ نِساءِ مكّةَ لَها.. بَل حتّى قَرِيباتِها لم يَعُدْنَ يَسألْنَ عَنْها أو يَتَفَقَّدْنَ أَحْوالَها.. لِذلِكَ فَهيَ وحيدةٌ في بيتِها.. لا أنيسَ لها أثناءَ غيابِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْها.. نَعَمْ كانتْ تَشْعُرُ بِما حَصَلَ لاَُمِّها بسببِ زَواجِها مِنْ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم رَغمَ أنَّها ما تَزالُ في ظُلمَةِ أَحشائِها.. لِذلِكَ رَأتْ مِن واجبها أن تُسلّيها بالحَديثِ مَعَها.. فَأشْرَقَتْ على وجهِ خديجةَ ابتسامَةُ فَرَحٍ بَعْدَ أنْ غَمَرَتْ قَلْبَها سعادةٌ لم تَكُنْ تَشْعُرُ بِها أثناءَ وَحدَتِها..
ـ خديجةُ.. !! مَعَ مَنْ تَتَحدَّثِينَ.. ؟
قَالَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم مُندَهِشاً بعدَ أنْ رأى خديجةَ تُتَمْتِمُ فَرِحةً وكَأنَّها تُكلِّمُ شَخصاً أمامَها.. فقالتْ لهُ : ـ يا رسولَ اللهِ.. الجنينُ الّذي في بَطني يُحدِّثُني.. فَتُؤنِسُني عُذوبَةُ حديثِهِ..